◀ *یومیات السیول السوداء (١)*
*سعید مقدم أبو شروق*
قال الله فی کتابه الکریم: وجعلنا من الماء کل شیء حی.
فالحیاة لا تستقیم إلا بالماء، المزارع والبساتین لا تنمو إلا بالماء، الطیور لا تحلق ولا تغرد إذا عطشت، الأسماک لا تستطیع أن تتنفس إلا فی الماء.
وإذا أردت أن تخالف سنة الله وتقتل البشر وحقوله، أن تقضی على الطیور وتخنق تغریدها، أن تدمر جمیع الأسماک فی الأنهر؛ امنع الماء عنها، أقم سدا لتمنع جریان الماء نحوها.
وهذا ما فعله المسؤولون فی الأهواز لیقضوا على حیاتنا، أقاموا أکثر من سد على نهر الکرخة ومنها سد الکرخة، وأکثر من سد على نهر کارون ومنها سد الدز، وعلى نهر الجراحی ومنها سد مارون؛ ولم یبق من الأنهار إلا أوشالا والتی غیروا مجراها إلى العمق الشمالی من إیران کإصفهان.
وقد وقف الأهوازیون محتجین على سرقة میاه أنهرهم أکثر من مرة، لکنهم لم یستطیعوا أن یقفوا أمام جبروت المسؤولین… وصودرت المیاه.
فی السنة الماضیة منعت الحکومة الفلاحین الأهوازیین من شتل الأرز بحجة شح المیاه والأمطار، وخزنت المیاه خلف السدود حتى امتلأت تماما!
وفی هذه السنة وبعد هطول الأمطار والثلوج الغزیرة، فاضت السدود التی کانت ممتلئة منذ الصیف، وجرت السیول؛ بل إنهم فتحوا السدود لتجری السیول المفتعلة.
هذه السیول المدمرة التی لا تستطیع الأنهر أن تستوعبها، ففاضت على ضفافها وغمرت مزارع الأهوازیین التی اخضوضرت بالأمطار حتى ینعت، وبعد أن أصبح السنبل یبلغ حزام الرجل طولا یتلألأ باصفراره؛ أمست هذه الثروات کلها تحت المیاه!
ولم تکتف السیول بغرق المزارع والبساتین، بل اجتاحت منازل القرویین وأغرقت جمیع ما یمل من أثاث منزلیة، وفی بعض الأماکن جرفت الغنم والأبقار وأغرقتها؛ وشردت العوائل، وأمسى الأطفال والنساء ینامون فی العراء دون أی مأوى، ودون أی دعم من الحکومة!
وقد لجأ بعضهم فی عربات القطار المهجورة ودون أی فراش أو غطاء!
فهل بإمکان القارئ أن یتصور أطفالا رضعا ینامون فی العراء ودون أی غطاء؛ هل تستطیع أن تسمع بکاء الأطفال دون الخامسة وهم منذعرین وقد رأوا بأم أعینهم السیل یجرف ألعابهم؟!
یقول المهجرون من قرى السوس إن الهلال الأحمر أسکننا فی مخیم وترکنا دون رجعة! وقد مضى على نزوحنا أکثر من أسبوعین.
درباره این سایت